تقوى الفكر
تقوى الفكر
كما أن هناك "أنبياء كذبة" كما قال السيد المسيح، كذلك هناك مفكرون كذبة
وكما يوجد منافقون في الدين يبطنون غير مايظهرون..كذاك ثمة نفاق في عالم الأفكار ، اولئك الذين يلبسون (الفكر) لبس الفرو مقلوباً، كما جاء في نهج البلاغة
وكما أن هناك تقوى في الدين، كذلك ثمة تقوى في الفكر..و " السؤال هو تقوى الفكر" كما قال هايدجر
وكما أن هناك إخلاص في العبودية في نطاق الأديان، كذلك في ميدان الفلسفة، فما إن يصبح الإنسان عبداً لها حتى يتحرر لساعته - كما أشار أبيقور
وكما يوجد ثواب وعقاب للعباد يوم الجزاء كذلك الفلسفة تكرم من يخدمها بنية صادقة بأن تفتح له مخازن المعاني وتهبه ذاتها وتكون هي نفسها جزاء نفسها كما نقل عن أرسطو
وعلينا أن نتوقع صدور أكبر الانحرافات والمغالطات من بعض أئمة الفلسفة والفكر تماماً كما نشهد ذلك من " الأئمة الذين يدعون إلى النار" من زمرة الهراطقة والمجدفين في عالم الأديان
وكما يوجد في الدين شريعة و طريقة وحقيقة أو ثلاث مراتب تتدرج من الظاهر إلى الباطن، أو من القشور إلى اللباب، كذلك في الفلسفة يوجد معارف تمهيدية بمثابة الأداة التي تتمثل في المنطق و الطبيعيات ومنها يلج الطالب إلى حريم الفلسفة و "قدس أقداسها" - كما يعبر هيجل - وهي الميتافيزيقا
وكما أن المؤمنين الحقيقيين مظلومون في هذا العالم ومعرضون للأذى والاضطهاد وربما الموت كالإمام الحسين والسيد المسيح ، كذلك المفكرون الحقيقيون يعانون من الأمر نفسه، ومستعدون للتضحية بكل شيء في سبيل الحقيقة الفلسفية كما فعل سقراط وفيثاغورس وسواهم
و كما نحتاط لديننا فلا نأخذه إلا عن أهل الورع والتقوى، كذلك ينبغي الاحتياط في دنيا المعاني والأفكار فلا نتناول من كل الأطباق التي تقدم على مائدة الفلاسفة.."ولينظر الإنسان إلى طعامه" قيل في تفسيرها:" أي علمه الذي يأخذه، عمن يأخذه
وكما أن هناك صلاة وابتهال ومناجاة في العبادات الدينية، كذلك هناك صلاة عقلية وابتهال فكري وترانيم للفلسفة وتأملات ميتافيزيقية وخواطر ،كما ورد عن ديكارت وماركوس اوريليوس وباسكال
وكما أن الدين جد وأمر فصل وماهو بالهزل، ولذلك تعلو محياه مسحة من الحزن النبيل كذلك الفكر جاد هو أبعد مايكون عن الألعاب الفكرية البهلوانية التي نلمسها لدى بعض الأدعياء: "لأَنَّ فِي كَثْرَةِ الْحِكْمَةِ كَثْرَةُ الْغَمِّ، وَالَّذِي يَزِيدُ عِلْمًا يَزِيدُ حُزْنًا" كما جاء في سفر الجامعة